فسدت فسادا لا رجعة فيه! وتلفت فطرتها التي برأها اللّه عليها، وارتدت أسفل سافلين، وتهيأت بذاتها لحياة الجحيم!

أما ما وراء هذا الإثم المبين الواضح الظاهر، والظلم العظيم الوقح الجاهر .. أما ما وراء ذلك من الذنوب - والكبائر - فإن اللّه يغفره - لمن يشاء - فهو داخل في حدود المغفرة ما دام العبد يشعر باللّه ويرجو مغفرته ويستيقن أنه قادر على أن يغفر له وأن عفوه لا يقصر عن ذنبه .. وهذا منتهى الأمد في تصوير الرحمة التي لا تنفد ولا تحد والمغفرة التي لا يوصد لها باب ولا يقف عليها بوّاب! (?)

والدينونة لله تعالى تجعل صاحبها يشعر بالسعادة والأمن والطمأنينة، والاستقرار.

فهو يعرف سبب وجوده، ويعرف هدفه في الحياة، فيسعى جاهدا لمرضاة ربه في كل عمل وكل حركة يقوم بها في هذه الدار.

وأما الذي يخضع ويدين لغير الله تعالى فهو يعيش في قلق واضطراب وتناقض، وهم وغم بشكل دائم، لأنه لا يدري لماذا خلق، وما هي مهمته الأساسية في هذه الحياة.

قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر:29]

يضرب اللّه المثل للعبد الموحد والعبد المشرك بعبد يملكه شركاء يخاصم بعضهم بعضا فيه، وهو بينهم موزع ولكل منهم فيه توجيه، ولكل منهم عليه تكليف وهو بينهم حائر لا يستقر على نهج ولا يستقيم على طريق ولا يملك أن يرضي أهواءهم المتنازعة المتشاكسة المتعارضة التي تمزق اتجاهاته وقواه! وعبد يملكه سيد واحد، وهو يعلم ما يطلبه منه، ويكلفه به، فهو مستريح مستقر على منهج واحد صريح .. «هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا؟» ..

إنهما لا يستويان. فالذي يخضع لسيد واحد ينعم براحة الاستقامة والمعرفة واليقين. وتجمع الطاقة ووحدة الاتجاه، ووضوح الطريق. والذي يخضع لسادة متشاكسين معذب مقلقل لا يستقر على حال ولا يرضي واحدا منهم فضلا على أن يرضي الجميع!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015