والجمال سمات مشتركة، ملحوظة في التعبير عن الحقائق المشتركة في طبيعتهما وحقيقتهما كذلك ..
وبين انفلاق الحب والنوى وانفلاق الإصباح وسكون الليل صلة أخرى .. إن الإصباح والإمساء، والحركة والسكون، في هذا الكون - أو في هذه الأرض - ذات علاقة مباشرة بالنبات والحياة.
إن كون الأرض تدور دورتها هذه حول نفسها أمام الشمس وكون القمر بهذا الحجم وبهذا البعد من الأرض وكون الشمس كذلك بهذا الحجم وهذا البعد وهذه الدرجة من الحرارة .. هي تقديرات من «العزيز» ذي السلطان القادر «العليم» ذي العلم الشامل .. ولولا هذه التقديرات ما انبثقت الحياة في الأرض على هذا النحو، ولما انبثق النبت والشجر، من الحب والنوى ..
إنه كون مقدر بحساب دقيق. ومقدر فيه حساب الحياة، ودرجة هذه الحياة، ونوع هذه الحياة .. كون لا مجال للمصادفة العابرة فيه - وحتى ما يسمونه المصادفة خاضع لقانون ومقدر بحساب ..
والذين يقولون: إن هذه الحياة فلتة عابرة في الكون. وأن الكون لا يحفلها. بل يبدو أنه يعاديها. وأن ضآلة الكوكب الذي قام عليه هذا النوع من الحياة توحي بهذا كله. بل يقول بعضهم: إن هذه الضآلة توحي بأنه لو كان للكون إله ما عنى نفسه بهذه الحياة! ... إلى آخر ذلك اللغو، الذي يسمونه أحيانا «علما»! ويسمونه أحيانا «فلسفة»! وهو لا يستأهل حتى مناقشته! إن هؤلاء إنما يحكمون أهواء مستقرة في نفوسهم ولا يحكمون حتى نتائج علمهم التي تفرض نفسها عليهم! ويقرأ لهم الإنسان فيجد كأنما هم هاربون من مواجهة حقيقة قرروا سلفا ألا يواجهوها! .. إنهم هاربون من اللّه الذي تواجههم دلائل وجوده ووحدانيته وقدرته المطلقة في كل اتجاه! وكلما سلكوا طريقا يهربون بها من مواجهة هذه الحقيقة وجدوا اللّه في نهايتها، فعادوا في ذعر إلى سكة أخرى. ليواجهوا اللّه - سبحانه - في نهايتها كذلك! إنهم مساكين! بائسون! لقد فروا ذات يوم من الكنيسة وإلهها الذي تستذل به الرقاب .. فروا «كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ» .. ثم ما