لا بد أن يكون متصفا بالعقل والحكمة. إلا أن العقل لا يستطيع أن يعمل في العالم المادي - كما في ممارسة الطب والعلاج السيكلوجي - دون أن يكون هنالك إرادة. ولا بد لمن يتصف بالإرادة أن يكون موجودا وجودا ذاتيا .. وعلى ذلك فإن النتيجة المنطقية الحتمية التي يفرضها علينا العقل ليست مقصورة على أن لهذا الكون خالقا فحسب، بل لا بد أن يكون هذا الخالق حكيما عليما قادرا على كل شيء، حتى يستطيع أن يخلق هذا الكون وينظمه ويدبره ولا بد أن يكون هذا الخالق دائم الوجود، تتجلى آياته في كل مكان. وعلى ذلك فإنه لا مفر من التسليم بوجود اللّه، خالق هذا الكون وموجهه - كما أشرنا إلى ذلك في بداية المقال.

«إن التقدم الذي أحرزته العلوم منذ أيام لورد كيلفن يجعلنا نؤكد بصورة لم يسبق لها مثيل، ما قاله من قبل، من أننا إذا فكرنا تفكيرا عميقا، فإن العلوم سوف تضطرنا إلى الإيمان باللّه» ..

ويقول فرانك أللن عالم الطبيعة البيولوجية في مقال «نشأة العالم هل هو مصادفة أو قصد» من الكتاب نفسه: «كثيرا ما يقال: إن هذا الكون المادي لا يحتاج إلى خالق. ولكننا إذا سلمنا بأن هذا الكون موجود، فكيف نفسر وجوده؟ .. هنالك أربعة احتمالات للإجابة على هذا السؤال: فإما أن يكون هذا الكون مجرد وهم وخيال - وهو ما يتعارض مع القضية التي سلمنا بها حول وجوده - وإما أن يكون هذا الكون قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم. وإما أن يكون أزليا ليس لنشأته بداية. وإما أن يكون له خالق.

أما الاحتمال الأول فلا يقيم أمامنا مشكلة سوى مشكلة الشعور والإحساس، فهو يعني أن إحساسنا بهذا الكون وإدراكنا لما يحدث فيه لا يعدو أن يكون وهما من الأوهام، ليس له ظل من الحقيقة. ولقد عاد إلى هذا الرأي في العلوم الطبيعية أخيرا سير جيمس جينز (?)،الذي يرى أن هذا الكون ليس له وجود فعلي، وأنه مجرد صورة في أذهاننا. وتبعا لهذا الرأي نستطيع أن نقول: إننا نعيش في عالم من الأوهام! فمثلا هذه القطارات التي نركبها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015