جرم يكون من غاية الخلق والإعادة إبلاغ المهتدين من البشرية، الذين اتبعوا سنة الحياة الصحيحة وناموس الحياة القويم، إلى أعلى مراتب البشرية.
فأما الذين كفروا فقد خالفوا عن الناموس، فلم يسيروا في طريق الكمال البشري، بل جانبوه. وهذا يقتضي - حسب السنة التي لا تتخلف - ألا يصلوا إلى مرتبة الكمال، لأنهم جانبوا قانون الكمال وأن يلقوا عاقبة انحرافهم كما يلقى المريض عاقبة انحرافه عن قوانين الصحة الجسدية. هذا يلقاه مرضا وضعفا، وأولئك يلقونه ترديا وانتكاسا، وغصصا بلا لذائذ - في مقابل اللذائذ بلا غصص (?).
«وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ» (?) ..
وقال تعالى: {أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ} [هود:68]
ومرة أخرى نجدنا أمام حلقة من حلقات الرسالة على مدار التاريخ .. الدعوة فيها هي الدعوة. وحقيقة الإسلام فيها هي حقيقته .. عبادة اللّه وحده بلا شريك، والدينونة للّه وحده بلا منازع .. ومرة أخرى نجد الجاهلية التي تعقب الإسلام، ونجد الشرك الذي يعقب التوحيد - فثمود كعاد هم من ذراري المسلمين الذين نجوا في السفينة مع نوح - ولكنهم انحرفوا فصاروا إلى الجاهلية، حتى جاءهم صالح ليردهم إلى الإسلام من جديد ..
ثم نجد أن القوم يواجهون الآية الخارقة التي طلبوها، لا بالإيمان والتصديق، ولكن بالجحود وعقر الناقة! ولقد كان مشركو العرب يطلبون من رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - خارقة كالخوارق السابقة كي يؤمنوا.
فها هم أولاء قوم صالح قد جاءتهم الخارقة التي طلبوا. فما أغنت معهم شيئا!
إن الإيمان لا يحتاج إلى الخوارق. إنه دعوة بسيطة تتدبرها القلوب والعقول. ولكن الجاهلية هي التي تطمس على القلوب والعقول:!!!
ومرة أخرى نجد حقيقة الألوهية كما تتجلى في قلب من قلوب الصفوة المختارة. قلوب الرسل الكرام. نجدها في قولة صالح التي يحكيها عنه القرآن الكريم: «قالَ: يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ