تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة، أو قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها ..
والسمة الثالثة: هي أن هذه الحركة الدائبة، والوسائل المتجددة، لا تخرج هذا الدين عن قواعده المحددة، ولا عن أهدافه المرسومة.
فهو منذ اليوم الأول - سواء وهو يخاطب العشيرة الأقربين، أو يخاطب قريشا، أو يخاطب العرب أجمعين، أو يخاطب العالمين، إنما يخاطبهم بقاعدة واحدة ويطلب منهم الانتهاء إلى هدف واحد .. هو إخلاص العبودية للّه، والخروج من العبودية للعباد .. لا مساومة في هذه القاعدة ولا لين.
ثم يمضي إلى تحقيق هذا الهدف الواحد، في خطة مرسومة ذات مراحل محددة لكل مرحلة وسائلها المتجددة على نحو ما أسلفنا في الفقرة السابقة.
والسمة الرابعة: هي ذلك الضبط التشريعي للعلاقات بين المجتمع المسلم وسائر المجتمعات الأخرى
على النحو الملحوظ في ذلك التلخيص الجيد الذي نقلناه عن «زاد المعاد». وقيام ذلك الضبط على أساس أن الإسلام للّه هو الأصل العالمي الذي على البشرية كلها أن تفيء إليه أو أن تسالمه بجملتها فلا تقف لدعوته بأي حائل من نظام سياسي، أو قوة مادية. وأن تخلي بينه وبين كل فرد، يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته. ولكن لا يقاومه ولا يحاربه! فإن فعل ذلك أحد كان على الإسلام أن يقاتله حتى يقتله أو حتى يعلن استسلامه! والمهزومون روحيا وعقليا ممن يكتبون عن «الجهاد في الإسلام» ليدفعوا عن الإسلام هذا «الاتهام!».
يخلطون بين منهج هذا الدين في النص على استنكار الإكراه على العقيدة، وبين منهجه في تحطيم القوى السياسية المادية التي تحول بين الناس وبينه والتي تعبد الناس للناس وتمنعهم من العبودية للّه .. وهما أمر أن لا علاقة بينهما ولا مجال للالتباس فيهما .. ومن أجل هذا التخليط - وقبل ذلك من أجل تلك الهزيمة! - يحاولون أن يحصروا الجهاد في الإسلام فيما يسمونه اليوم: «الحرب الدفاعية» .. والجهاد في الإسلام أمر آخر لا علاقة له بحروب الناس اليوم، ولا بواعثها، ولا تكييفها كذلك .. إن بواعث الجهاد في الإسلام ينبغي