في سنة (445هـ) يحدث حدثاً متوقعاً في سنن الله سبحانه وتعالى، وهو أن من سنن الله سبحانه وتعالى أن يتقدم المسلمون ببطء في سلِّم الارتفاع والرقي، ثم يفتح الله عليهم بشيء لم يكن متوقعاً لأنفسهم، فيحدث الفرج للمسلمين، كما حدث في موقف عبد الرحمن الناصر عند دخول سرقسطة وموت عمر بن حفصون، فلقد اقتنع بفكرة الشيخ عبد الله بن ياسين زعيم قبيلة لمتونة يحيى بن عمر، ودخل معه في جماعة المرابطين، وفعل رحمه الله كما فعل سعد بن معاذ رضي الله عنه وأرضاه لما دخل الإسلام، عاد إلى قومه، فقال لهم: إن كلام رجالكم ونسائكم وأطفالكم علي حرام حتى تشهدوا أنه لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ ففعل يحيى بن عمر اللمتوني نفس الأمر، فذهب إلى قومه وأتى بهم إلى الشيخ عبد الله بن ياسين فدخلوا في جماعته، فأصبح الألف والثلاثمائة سبعة آلاف في يوم وليلة، وبعد أيام قليلة من دخول قبيلة لمتونة مع المرابطين يموت الشيخ يحيى بن عمر اللمتوني الذي أتى بستة آلاف جندي للإسلام، وهذا من أحسن الخواتيم، فتولى من بعده على زعامة لمتونة الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني، فانضم مع الشيخ عبد الله بن ياسين وبدأ الأمر يزداد، والأعداد تكثر، والمرابطون يصلون إلى أماكن أوسع حول المنطقة التي كانوا فيها، فبدءوا يتوسعون حتى وصل حدودهم من شمال السنغال إلى جنوب موريتانيا، وأصبحت جدالة ولمتونة القبيلتان الموجودتان في شمال السنغال وجنوب موريتانيا جماعة واحدة، وبلغ تعداد المرابطين في سنة (451هـ) حوالي (12000) رجل.