كان هناك مصلحون في تلك الفترة، أمثال: ابن حزم رحمه الله فقيه الإسلام المشهور وابن عبد البر وابن حيان وأبو الوليد الباجي، وكثير من علماء المسلمين، والحق يقال: إنهم حاولوا قدر استطاعتهم أن يجمعوا الناس، لكن تجميع (22) دويلة في دولة واحدة كان مستحيلاً لاختلافهم من سيكون الرئيس، فهم يرفضون فكرة الانضمام والاجتماع تحت راية واحدة حتى في وجود هؤلاء الأفاضل من علماء المسلمين.
قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:103].
انظر إلى نعمة الله سبحانه وتعالى كيف فرط فيها المسلمون، كانوا على شفا حفرة من النار، وكادوا يقعون فيها لولا فضل الله.
وقال سبحانه وتعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:105] فأنتم يا أمراء المؤمنين! سمعتم عن عبد الرحمن الناصر ودولته الموحدة المجمعة، كيف كانت عزة الإسلام في عصره؟ فلماذا تفرطون في عزة الإسلام في الدنيا وفي ثواب الآخرة؟ أمن أجل أيام معدودات على مدينة من مدن المسلمين تحكمونها؟ أتأبى أن تكون تابعاً لأمير من المؤمنين وترضى أن تكون تابعاً لملك من ملوك النصارى، كـ ألفونسو السادس أو غيره؟ هذا كان واقع المسلمين.