بدأ عهد القوة من سنة (138) إلى سنة (238) للهجرة، بدأ هذا العهد بإمارة عبد الرحمن الداخل رحمه الله، ثم خلفه من بعده ثلاثة أمراء، الأمير الأول: هشام بن عبد الرحمن الداخل؛ والذي حكم من سنة (172) إلى (180) هجرية، وكان رحمه الله عالماً محباً للعلم، أحاط نفسه رحمه الله بالفقهاء، وكان له أثر عظيم في بلاد الأندلس؛ لأنه نشر اللغة العربية بمجهود وافر وعظيم، حتى أصبحت اللغة العربية تدرس في معاهد اليهود والنصارى في داخل أرض الأندلس؛ ونشر المذهب المالكي بدلاً من مذهب الأوزاعي، وكانت له صولات وجولات كثيرة جداً مع ممالك النصارى الشمالية.
الأمير الثاني: الحكم بن هشام فإنه تولى الإمارة من بعد والده هشام بن عبد الرحمن الداخل من سنة (180) إلى سنة (206)، لكنه لم يكن على شاكلة أبيه ولا على شاكلة جده، كان قاسياً جداً؛ فقد فرض الكثير من الضرائب، واهتم بالشعر، وبالصيد، وقاوم الثورات بأسلوب غير مسبوق في بلاد الأندلس في عهد الإمارة الأموية؛ وكان يحرق بيوت الثائرين، ويطردهم إلى خارج البلاد، ومن أشهر الثورات التي قمعها: ثورة قوم يسمون بالربض، والربض منطقة في جوار قرطبة، ثار أهلها ثورة كبيرة على الحكم بن هشام فأحرق ديارهم وطردهم خارج البلاد، ومن تدبير الله سبحانه وتعالى؛ أنه لما طردهم إلى خارج البلاد، انتقلوا بسفنهم إلى جزيرة كريت في البحر الأبيض المتوسط، فأسسوا فيها مملكة إسلامية ظلت قائمة مائة سنة متصلة، لكنه مع كل هذه الأمور لم يوقف حركة الجهاد في الشمال؛ لأن الجهاد كان عادة عند الإمارة الأموية، سواء في بلاد الشام أو في بلاد الأندلس، فقد كانت له انتصارات وعليه هزائم، وكنتيجة طبيعية تماماً لهذا الظلم الذي كان من قبل الحكم بن هشام، فإن العلاقة ساءت بين الحاكم والمحكوم، سقطت بعض البلاد الإسلامية في يد النصارى؛ كبرشلونة، وأصبحت إمارة نصرانية صغيرة جداً في الشمال الشرقي، وعرفت في التاريخ باسم إمارة أراجون، وكانت متاخمة لحدود فرنسا، بجوار جبال البرينيه في الشمال الشرقي للبلاد، لكن من فضل الله ومنّه وجوده وكرمه على الحكم بن هشام أنه في آخر عهده تاب وأناب واستغفر، واعتذر للناس عن ذنوبه، واختار من أبنائه أصلحهم وإن لم يكن الأكبر ليكون ولياً لعهده، ومن حسن خاتمته أنه قام بهذا الاعتذار وهو في كامل قوته وبأسه، وظل عامين على هذه التوبة قبل أن يموت.