قَالَ: (وَالنَّهْي أَمر بضده وَهُوَ: استدعاء التّرْك بالْقَوْل مِمَّن هُوَ دونه على سَبِيل الْوُجُوب) .
أَقُول: لما فرغ من رسمي الْبَابَيْنِ وهما: " الْكَلَام " و " الْأَمر ". شرع فِي الْبَاب الثَّالِث وَهُوَ: النَّهْي فرسمه بِأَنَّهُ استدعاء التّرْك. إِلَى آخِره؛ لِأَنَّهُ يُقَابل الْأَمر؛ لِأَنَّهُ لما رسم الْأَمر بِأَنَّهُ استدعاء الْفِعْل رسم النَّهْي بِأَنَّهُ استدعاء التّرْك؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا استدعاء لِلْأَمْرِ بِالْفِعْلِ، أَو لتَركه.
وَقَوله: " بالْقَوْل " لتخرج الْإِشَارَة؛ لِأَنَّهَا لم تكن بالْقَوْل وَقَوله " على سَبِيل الْوُجُوب " ليخرج التضرع فَإِنَّهُ لَيْسَ أمرا على سَبِيل الْوُجُوب، وَذَلِكَ كَمَا أَن العَبْد إِذا سَأَلَ سَيّده: أَن لَا يكلفه غير طاقته، وَأَن لَا يفتنه عِنْد مَوته، وَمَا أشبه ذَلِك. فَلَا يُقَال لهَذَا نهي، وَلَا على سَبِيل الْوُجُوب.