فَإِن لفظ " الْأسد وضعوها للحيوان المفترس، وَكَذَا " الْبَحْر " للْمَاء الْكثير، فَإِذا نقل للرجل الشجاع، والكريم كَانَا مجارين.
وَأعلم أَن الشَّيْخ - رَحمَه الله - رسم الْحَقِيقَة برسمين: -
أَحدهمَا: مَا بَقِي على مَوْضُوعه - فَهَذَا رسم يُفِيد أَن كل لفظ نقل عَن مَوْضِعه اللّغَوِيّ إِلَى آخر فَهُوَ مجَاز سَوَاء كَانَ النَّاقِل الشَّرْع، أَو الْعرف، أَو الْوَاضِع الأول. وَهَذَا هُوَ المُرَاد بالرسم الأول.
وَأما الرَّسْم الثَّانِي فَقَالَ: مَا اسْتعْمل فِيمَا اصْطلحَ عَلَيْهِ من المخاطبة فَهَذَا رسم يُفِيد أَن كل لفظ اسْتعْمل فِيمَا اصْطلحَ عَلَيْهِ عِنْد التخاطب فَهُوَ حَقِيقَة كلفظة " الصَّلَاة " - مثلا -: -
فَإِن كَانَ الْخطاب باصطلاح اللُّغَة كَانَت حَقِيقَة؛ فَإِن لَفْظَة " الصَّلَاة " وضعت أَولا فِي اللُّغَة للدُّعَاء، فَإِذا نقلت واستعملت فِي الْعِبَادَة الْمَعْرُوفَة كَانَت مجَازًا. وَإِن كَانَ الْخطاب باصطلاح الشَّرْع كَانَت حَقِيقَة؛ لِأَن لَفْظَة الصَّلَاة وضعت أَولا فِي الشَّرْع لِلْعِبَادَةِ الْمَعْرُوفَة، فَإِذا نقلت واستعملت فِي الدُّعَاء كَانَت مجَازًا. وَكَذَا لَفْظَة " دَابَّة " إِذا أطلقت، وَكَانَ الْخطاب باصطلاح اللُّغَة فَهِيَ حَقِيقَة فِي جَمِيع مادب، ومجاز فِي ذَوَات الْأَرْبَع.
وَإِذا كَانَ الْخطاب باصطلاح الْعرف كَانَ الْأَمر بِالْعَكْسِ وَالله أعلم.