أَو التّرْك.
فَالْأول: إِن كَانَ لَازِما فَهُوَ الْوَاجِب كأمره تَعَالَى بِالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاة وَالْحج وَغير ذَلِك.
وَإِن لم يكن الطّلب لَازِما فَهُوَ الْمَنْدُوب كَسَائِر السّنَن.
وَالثَّانِي وَهُوَ التّرْك؛ لِأَن الْخطاب إِذا اقْتضى التّرْك فَإِن كَانَ جَازِمًا فَهُوَ الْحَظْر أَي: الْحَرَام كَقَوْلِه تَعَالَى {لَا تقربُوا الزِّنَا} [سُورَة الْإِسْرَاء: 32] {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} [سُورَة الْبَقَرَة: 188] {وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} [سُورَة الْإِسْرَاء: 33] وَمَا أشبه ذَلِك.
فَهَذَا خطاب يَقْتَضِي التّرْك جزما.
وَإِن لم يقتض التّرْك جزما [فمكروه كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام: (لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد) ، وَكَذَا الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ، وَالْكَلَام] على الْغَائِط وَالسَّلَام على الْآكِل، وَالْمُصَلي، وَالْقَاضِي حَاجته، وَمَا أشبه ذَلِك.
وَإِن أذن فِي فعله من غير حث، أَو خير بَين فعله وَتَركه فَهُوَ مُبَاح كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِذا حللتم فاصطادوا} [سُورَة الْمَائِدَة: 2] فَهُوَ [للتَّخْيِير] ؛ إِذْ لَا يجب الصَّيْد عِنْد الْإِحْلَال من الْإِحْرَام، وَلَا يسن فَحمل على الْإِبَاحَة.
وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض} [سُورَة الْجُمُعَة: 10] وَمَا أشبههما.