ابن حزم (?) : ولا يحل أخذ شيءٍ من أموالهم، وهي مضمونة على من أخذها إلا ما عُقر في حال القتال من فرس، أو كسر من سلاح، فلا ضمان فيه؛ وكذلك لا شيء فيمن قتل منهم في القتال. وهذا نحو قول الشافعي في ذلك، وقد احتج له الشافعي حسبما ذكرنا عنه، وهو الصحيح: أن لا يستباح منهم مال بِحال، إلا ما استُهلك في حومة القتال لضرورة دفاعهم، والنظر
في استصلاحهم المأمور به شرعاً، لأن الله -تعالى- يقول: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] ، وهؤلاء إنما أبيح قتالهم لاستصلاح فاسدهم، وردعهم عن الإقبال على باطلهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله، فلم يؤذن في أموالهم؛ ولا في سِبائهم بالوجه الذي أذن به في الكفار، بل كل ذلك منهم معصوم بحرمة الإسلام، إلا المقدار الذي شرع من قتالهم فقط، وليس كل من وجَبَ قتله أو قتاله يستباح لذلك ماله، وفيما نَبَّه عليه الشافعي -رحمه الله- من ذلك مُقنعٌ، والحمد لله. قال الله ربنا -جل جلاله-: {فَبَشِّرْ عِبَادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُو الأَلْبَابِ} [الزمر: 17-18] .
باب: من الدعاء والذِّكر المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما
يختم به هذا المجموع بحول الله -تعالى-
مسلم (?) ، عن زيد بن أرقم، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر، اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير من زكّاها، أنتَ وليُّها ومولاها، اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها» .