قال: «وقد تُكُلِّم في كوثر؛ كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عنه، وقال محمد بن إسماعيل: كوثر عن نافع: منكر الحديث» .
النظر الثالث: في معرفة أحكام جناياتهم، وما أصابوه
وأصيب منهم
أهل البغي -كما تقدم- ضربان: متأوِّل وطالب دنيا بالفسوق، فأما الفسّاق فلا يختلف أنهم متبعون بكل ما جنوا وأصابوا من دمٍ، ومالٍ، وحقٍّ لذي حق، وكذلك في الحدود إن أصابوا من النساء حراماً، وغير ذلك؛ لأن هؤلاء أصابوا ما أصابوه وهم عالمون بالتَّحريم، متعمّدون لارتكاب المعاصي، غير متأولين، ولا معتقدين لصواب ذلك من دينهم، فوجب أن يُقادَ منهم بمن قتلوا عمداً، ويُقتصَّ لمن جَرَحوا، وتقام عليهم حدود الله فيما ثبت من ذلك منهم، ويغرمون جميع ما استهلكوا من مال، ويرجع جميع ما يوجد في أيديهم
لإنسان.
قال الله -تعالى-: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءِ للَّهِ} [المائدة: 8] ، وقال -تعالى-: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] ، وقال -تعالى-: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] .
وليس في هذا النوع خلافٌ أعلمه، وكذلك ما استولي عليه من أموالهم وأحوالهم (?) هي لهم، وعلى ملكهم، لا يحل لأهل العدل الذين قاتلوهم ولا غيرهم أن يتمسكوا من ذلك بشيء، بل يُرَدُّ كل حق إلى مستحقِّه، وتُستوفى منهم الحقوق