وإن شاء نفاه. وصِفَةُ نَفْيِهِ أنه كلما حَصَل في بلد نُفي عنه أبداً، هكذا حتى يموت، وسواء قَتل وأخذ المال، أو لم يفعل شيئاً من ذلك، يعني: إذا كان قد أخاف الطريق، وحارب أهله على أموالهم؛ فهو عنده محارب، سواء كان في المصر أو خارج المصر، ليلاً أو نهاراً» . هكذا نصُّ قوله.
وكان مما اختلفوا فيه من هذا الفصل: صفة النفي الذي ذكره الله -تعالى-، فقال الكوفيون (?) : لما قال الله -عز وجل-: {أَوْ يُنفَوا
مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] عُلِم أنهم لا بد لهم أن يستقروا في الأرض؛ لم يكن شيء أولى بهم من الحبس؛ لأنه إذا حُبِس فقد نُفي من الأرض، من موضع استقراره. وقال مالك (?) : «ينفى من البلد الذي أَحْدَثَ فيه هذا إلى غيره، ثم يحبس فيه» ، حَملاً على قولهم في نفي الزاني. وقال الزهري (?) : نَفْيُهُ: أن يُطلبَ فلا يُقْدر عليه، كلما سُمع به في أرض طُلب. وعلى نحو ذلك يجيء ما رُوي عن الشافعي: أنَّ نفيهم: أن يُطلبوا حتَّى يؤخذوا، فتقام عليهم الحدود (?) .