فقالوا: لنا ثنتان لا بُدَّ منهما ... صُدورُ رماحٍ أشرعت أو سَلاسِلُ (?)
لم يرد أنَّا نتخير في ذلك واحدة، وإنما أراد أن كلتيهما مفعول، يتنوع بحسب ما يكون منكم، فمن قاتل، أصابته رِماحُنا، ومن ألقى بيده، أَسَرْناه في السلاسل. فيكون على هذا معنى الآية: إنَّ لكل حالةٍ نوعاً من هذه العقوبات على ترتيب أوضاعها بالشرع.
وبالجملة؛ فلكلِّ مذهبٍ مُستندٌ قويٌّ، إلاَّ أنَّ الأولى أن لا يُقدَمَ على دمِ مسلمٍ إلا بيقين، والخطأ في استحيائه أقرب من الخطأ في قتله، والله أعلم.
واتفق القائلون بترتيب العقوبات على أنه لا يُقتلُ المحارب إلا إن قَتَلَ، وأنه إنْ قَتَل يُقْتلُ على كل حال، وليس لولي دم المقتول مَدخلٌ في العقوبات؛ لأنَّ قتله واقعٌ موقع الحدِّ في الحرابة.
ثم اختلفوا في أشياء؛ فقال قوم: إذا شهر السلاح وقَتَل؛ قُتِل، فَإنْ أخذَ المالَ ولم يَقْتُل؛ قُطِع من خلاف، وإن قَتَلَ وأخذ المال؛ قُتِل وصُلِبَ، رُوي ذلك عن قتادة وعطاء الخراساني (?) ، وإليه ذهب الأوزاعي (?) ، إلا أنه قال في الذي يَقْتُلُ