الأصل الذي يشتمل على هذا وأمثاله في (فصل: المفاداة بأبنائه المشركين) ، من (الباب الخامس) ما فيه غُنْية لمن تأمله.
قال أبو الوليد بن رشد (?) في ارتداد أهل بلد أو حصن: «الذي ذهب إليه جمهور العلماء وأئمة السلف: أن يُقتالوا؛ فيقتل رجالهم، ولا تسبى ذراريهم، وأما أموالهم فهي فيءٌ للمسلمين. قال: وقال أصبغ:
تُسبى ذراريهم ونساؤهم، وتقسم أموالهم، ويقتل كبارهم على حكم الناقضين من أهل الذمة؛ لأنهم جماعة، وإنما يكون الارتداد في الواحد وشبهه، وهو الذي خالفت فيه سيرةُ عمر بن الخطاب سيرةَ أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنهما- في الذين ارتدوا من العرب بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ سار فيهم أبو بكر سيرة الناقضين، فقتَلَ الكبارَ، وسبَى النساءَ والصغار، وجرت فيهم المقاسم وفي أموالهم، فلما وُلِّيَ عمر بعده نقض ذلك، وسارَ فيهم سيرة المرتدين: رَدَّ نساءهم وصبيانهم إلى عشائرهم وإلى الحرية، وأخرجهم من الرقّ والسِّباء، وحملهم محمل ذرية المرتدين: أنهم على الإسلام، إلاّ من أباهُ منهم بعد بلوغه، وما أَباه (?) أحد منهم على عمر، ولا قبل ذلك، بل أَقَرَّ كلُّهم بالإسلام ساعة سُبُوا» .
قلت: فذهب أصبغ في سباء ذرية المرتدين إذا كانوا جماعة مذهباً شاذّاً؛ حيث فرَّق بين حكم الجماعة والآحاد من غير دليل، كما ذهب أشهب في أهل الذمة إذا نقضوا مذهباً شاذّاً: أن لا يُسبوا، وكلا القولين غير سديد، وقد تقدم الرَّدُّ على أشهب.
مسألة
واختلفوا في حكم ما أصاب المرتدُّ حال ارتداده من دمٍ ومال، فقيل: حالهم في ذلك كلِّه، والحكمُ عليهم بما أصابوه كحال المسلمين، لا يختلف في