وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعوا بعدي كفاراً -أو: ضلالاً- يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلّغ الشاهدُ الغائب» .
فالكتاب والسنة والإجماع على عصمة دم المسلم وتحريمه، لا خلاف في ذلك بين الأمة، إلا أن يأذنَ الشرع في شيء من ذلك؛ لحقٍّ أوجبه؛ فيكون ذلك مستثنىً من عموم ما تقدم. وقد جاء من تخصيص ذلك في الكتاب والسنة ما أوجب المصير إليه، والاقتصار عليه.
قال الله -تعالى-: {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151، الإسراء: 33] .
وخرَّج مسلم (?) في حديث جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « ... فإذا قالوا: لا إله إلا الله؛ عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» . ففي قوله -تعالى-: {إِلاَّ بِالْحَقِّ} ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إلا بحقِّها» بيانٌ أن هناك أشياء تبيح ذلك منه، إذا هو ارتكبها بعد الإيمان، وإن كان لفظ الحق ها هنا مجملاً؛ فقد جاء مفسراً: منه في القرآن، ومنه في السُّنة الصحيحة. قال الله -تعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] . وبيَّن -تعالى- وجه الحكمة، وموقع النعمة في ذلك بقوله -عز وجل-: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] ، وقال -تعالى-: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33] .
وتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إيجاب قتل الزاني المحصن، رَجْماً بالحجارة (?) ، والأمر بقتل من رجع عن الإسلام (?) ؛ فكان ذلك كله مبيِّناً
للحق الذي استثناه الله