الصلح» . وذكر احتجاج ابن الماجشون لذلك بما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في سبي قريظة وغيرهم، فزعم أن لا حجة في ذلك؛ لأن الذي كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبني قريظة وغيرهم من اليهود، إنما كان مهادنةً وهم في بلادهم، لم يكونوا كأهل الذمة الذين غُلِبوا، فأقِرُّوا تحت ملكة المسلمين على أداء الجزية (?) .
فأقول: أمّا ما احتج به أبو الوليد على أشهب في أول كلامه فصحيح، وأما ردُّه على ابن الماجشون فيما احتج به ابن الماجشون من سبي قريظة، فغير مستقيم، بل هوحجةٌ بيِّنةٌ كما ذكر ابن الماجشون وغيره.
خرَّج مسلم (?) عن ابن عمر، أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير، وأَقَرَّ قريظة، وَمَنَّ عليهم، حتى حاربته قريظة بعد ذلك، فقتل رجالهم، وقَسَم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين.
وإذا ثبت أن أهل الذمة الذين ضربت عليهم الجزية لم يكونوا عبيداً أُعتقوا، كما أقرَّ به أبو الوليد (?) ، وجعله حجته في الرَّد على
أشهب؛ فأيُّ فرقٍ بينهم وبين كلِّ من له عهد سواهم في (باب: النقض، وما يستحقه الناقض للعهد من العقوبة والقتل والسبي) ، وهم سواء في أصل الكفر ونكث العهد؟! ثم هو -أيضاً- قد سوَّى بينهم في كلامه في (باب: النقض) وقاسهم على أهل الصلح، حيثُ قال (?) : «وذلك
-أيضاً- كالصلح بين المسلمين وأهل الحرب على شروط، فإذا لم يفُوا بها، انتقض