الإرهاب والتخويف، فلا يجب في ذلك على كلِّ حالٍ إلا التعزير (?) .

فأقول: أما إذا لم يشترط عليهم الانتقاض به فهو ظاهر، وأما إن كان اشترط عليهم في عهدهم أنهم إن أظهروا شيئاً من ذلك؛ فلا ذِمَّة لهم، وقد عادوا بذلك حرباً، فالوجه: أنَّ ذلك على ما شُرِطَ، وهو ظاهر ما في كتاب عُمَر -رضي الله تعالى عنه- في عَقْدِهِ الذِّمة لنصارى الشام؛ لأنه قال في آخره، بعد أن ذكر فيه هذه الشروطَ المعدودةَ في الضَّربِ الثَّاني وغيرها: «فإن خالفوا شيئاً ممَّا شرطوه، فلا ذِمَّة لهم، وقد حلَّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشِّقاق» (?) .

ومما يدل على صحة هذا المذهب: ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتل ابني أبي الحُقيق، وسَبي ذريتهما، حين شرط عليهما استباحة ذلك منهما إن كتماه (?) .

وأيضاً؛ فإنَّ العهد الذي به حرم ذلك منهم، لم يتناول إلا ما وافق صفته وشَرْطَه، فإذا خالفوا شيئاً من ذلك، وقد كان اشترط عليهم

أنْ لا عهدَ لهم إذا خالفوا شيئاً من ذلك؛ فلم يبقَ لهم عهدٌ كالحربي، والله أعلم.

مسألة

إذا نبذَ أهل الذِّمَّة العهد إلى المسلمين، فإنهم لا يغتالون، ويلحقون بالمأمن عند الشافعي قولاً واحداً (?) ، فإن خرجوا من غير أن يُعلموا بذلك، وهربوا إلى بلاد الحرب، فقد قيل: إن كان ذلك من ظلمٍ أو جورٍ رَكِبَهم مما يُعرفُ عُذْرهم فيه لم يُعدَّ ذلك نقضاً، ولم يُستباحوا في نفسٍ ولا مال، وهو إمّا أن يُخلَّى سبيلُهُم، أو يُعادوا إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015