وفي كتاب «الأموال» (?) لأبي عبيدٍ، مسنداً إلى صعصَعة، قال: سألت ابن عباسٍ فقلت: إنّا نسير في أرض أهل الذِّمَّة، فنُصيب منهم؟ قال: بغير ثمن؟ قلت: نعم، بغير ثمن، قال: فما تقولون؟ قال: قلت: حلالٌ لا بأس به، فقال: أنتم تقولون كما قال أهل الكتاب: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} !! [آل عمران: 75] .
ففي قول ابن عباسٍ هذا بيانٌ أنه لم يُرد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذوه بغير ثمن، لكن إذا منعوهم البيع، وبالناس حاجة إليه، أخذوا ذلك كَرْهاً بقيمته، والله أعلم.
فصل
والواجب لأهلِ الذِّمَّة إذا التزموا ما وجب عليهم من ذلك: الوفاءُ بالأمان، والحمايةُ ممن أرادهم بِعُدوان، ولهم بذلك على المسلمين عهدُ الله وذمَّتُه؛ لا تَحِلُّ دماؤهم، ولا أموالهم، ولا أبشارهم، ولابغيٌ عليهم في وجه من الوجوه، ما لم يُحْدِثوا حَدَثاً، ويحملون في مالهم، وعليهم من الحقوق على القسط والعدل الذي كتبه الله -تعالى- على المسلمين. قال الله -تعالى-: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} [النحل: 91] ، وقال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن