يستحقون من عقاب الله -تعالى- على ذلك، فهو لا يتناول الديون وحقوق المال التي التزموها على وجهٍ يجيزه الشرع، فإن هذا ثابت، وليس مما يغفر؛ لأنه على حدِّ الشرع، وإنما يُهدر عنهم ما استباحوه بحال الكفر في أنواع المحرمات من دمٍ أو مالٍ، وغير ذلك من الحدود التي لا يجيزها الشرع، فذلك هو الذي يَبْطلُ عنهم حكمه بإسلامهم، فلا يؤاخذون به، عفواً من الله ومغفرة.
وأما قول أبي عبيد: «لا يطالب مسلم بجزية» فصحيح؛ بمعنى أنه لا يكلَّف الجزية بعد إسلامه، كما كان يُكلَّفها في كفره، وأما ما كان استقرَّ عليه من ذلك في حال الكفر، فمطالبٌ به كسائر الدّيون، ولا فرق في هذا فيمن أسلم (?) .
فأمَّا من مات وعليه حولٌ أو أحوال، فقد كان ينبغي أن يكون ذلك في تركته على كلِّ قول، ومهما توجَّه الخلاف فيمن أسلم، وعليه حولٌ أو أحوال، فلا يصلح ذلك فيمن مات؛ لأن أمرهما في الكفر والإسلام مختلفٌ (?) ، والأدلة التي اعترضَ بها فيمن أسلم لا تثبت فيمن مات وهو كافر، فلا وجه للقول بسقوط ذلك عَمَّن مات بعد أن عُمِّرت ذمته. وقد زعم من قال بسقوطه عن الميت: أن ذلك ليس بدينٍ عليه، وهذه مكابرة، لأنَّ كُلَّ حَقٍّ في المال وجبَ بوجه شرعيٍّ متعلِّقٍ بالذِّمة، لا في عينٍ معينة؛ فهو ديْنٌ، يُعرف ذلك لغةً وشرعاً، والذمي إذا كَمَلَ حولُه على حَدٍّ ما شرط له من الوفاء بذمته، فقد وجبت عليه ضريبة ذلك الحول بإجماع، فذلك -ما