وسبب الاختلاف: تعارضُ ظاهر آية الغنائم في وجوه القسم على جماعة الغانمين، وظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل قتيلاً له عليه بينةٌ، فله سلبه» (?) .
فمن حمل ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم - على أنه إنزالُ شرعٍ، وحكمٌ عامٌّ في المسلمين، وكان من مذهبه تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد؛ جعل الآية مخصَّصة في غير السَّلب، وكان عنده: السَّلب جميعاً للقاتل.
ومن حمل ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم - على وجه التنفيل منه في ذلك الجيش، وما يرجع إلى حكم الاجتهاد من الإمام بحسب الأحوال، كان السَّلبُ وغيره سواءً عنده في حكم الغنيمة، واستحقاق القسم على جماعة الغانمين، إلا أن يرى الإمام تنفيله للقاتل على حسب ما فعلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الجيش (?) .
وأما من رأى تخميس السَّلب إذا كثر؛ فلا أعرف فيه دليلاً، إلا ما يخرج مخرج الاستحسان. فإن قيل: دليله عموم آية الخمس (?) ؛ لزم عليه أن يكون ذلك يجري في القليل كما يجري في الكثير، والله أعلم.
وأمَّا حدُّ السلب، وعلى ماذا يقع، إذا قيل بوجوب ذلك للقاتل؟ فلأهل العلم