تُخمَّس الغنيمة، فيكون الخمس في الأصناف المذكورين في هذه الآية؛ كأنه رأى ذلك عائداً على خُمس الفيء خاصة، لما بيَّنت السنَّة أنَّ أربعة أخماسه في مصالح المسلمين عامَّة (?) .
وقول الجمهور حيث فرقوا بين الفيء والغنيمة في الآيتين، ولم يروا بينهما تعارضاً ولا نَسْخاً، بل كلتاهما محكمتان؛ هو الأظهر الأشهر.
وأمَّا حملُ آية الفيء على معنى أنها الغنيمة؛ كان الحكم فيها أن يقسم على الأصناف المسمَّين فيها، ثم نسخت؛ فأمرٌ لا دليل عليه، ولا اضطرار إليه.
وأيضاً؛ فإن الآية في الغنائم من سورة الأنفال نزلت إثر بدر، وذلك قبل أمر القُرى التي أنزل الله -تعالى- فيها: {مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7] .
وقد ذهب قومٌ إلى أن هذه الآية مُبيِّنةٌ لحكم الآية التي
قبلها: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} [الحشر: 6] ، وأبى ذلك أكثر أهل العلم، ورأوا أن الآية الأولى من سورة الحشر خاصَّةٌ في حكم أموال بني النضير حين جَلَوا عن بلادهم بغير حرب، وفيهم نزلت سورة الحشر (?) : {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] ، فجعل الله -عز وجل- أموالهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يستأثر بها، بل أخذ منها قدر ما يكفيه