فإذا تقرَّر ذلك، فللقيامِ بالجهاد من حيث الحاجة والاستغناء؛ ثلاثة أحوال:
حالٌ يكون فيها الجهادُ فَرضاً في الجملة على الكفاية، وحالٌ يكون فيها فرضاً على الأعيان، وحالٌ يكون فيها نَفْلاً.
فأما الحالة الأولى: حيث يكون الجهاد فرضاً في الجملة؛ فهي حالة الأصل التي تَقدَّم فرضُ القتال فيها على الكفاية، وذلك مالم يَعْرض عارضٌ ينقل الفرضَ إلى التعيين، فواجبٌ على المسلمين في الجملة غزو الكفار ابتداءً، وجهادهم على الإيمان؛ ولتكون كلمة الله هي العليا؛ حتى يقهروهم، ويضطروهم إلى أَوْكَسِ الأحوال، المرَّة بعد المَرَّة، قال بعض أهل العلم (?) : وأَقلُّه مرةً في العام، وهذا عندي صحيح (?) ؛ لأنه قد تقدم أن الجهاد فرضٌ يتكرر على الكفاية، ولم يجعل
الله
-تعالى- لمن أبَى على مرِّ الأعصار غايةً يتعقبها الكَفُّ إلا بأحدِ أمرين: إما أن يدخلوا في الإسلام، وإمّا أن يُؤدُّوا الجزية، -على خلافٍ فيمن تُقبل الجزية منهم، نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى-.
قال الله -سبحانه-: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} -أي: شركٌ-: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله} [الأنفال: 39] ، وقال -تعالى-: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ