قال سحنون: إذا شهد أول القتال، أو كانوا قد ناشبوا القتال وهو حيٌّ، ثم مات بعد المناشبة؛ فحقه فيه ثابت، وكلُّ قتالٍ ابتدؤوه في حصنٍ ثانٍ، أو مغارٍ أحدثوه بعد موته، فلا حقَّ للميت فيه (?) .

قال عبد الملك بن حبيب: وسمعت أصحاب مالكٍ يقولون فيمن أُسِرَ في القتال: فله سهمه فيما غنم قبل القتال وبعده، بمنزلة من مات أو قتل، ومن أُسِرَ قبل القتال فلا سهم له فيما غنم بعده، إلاّ أن تكون

الغنيمة في فورة ذلك وبحضرته، ومن أُسر بعد القتال فله سهمه فيما غنم قبله وبعده، يُقسم له ولفرسه: أصيب معه، أو عُقر تحته، أو خلَّفه عند أصحابه، ومشاهدة القرية، أو الحصن، أو العسكر بمنزلة القتال، وإن لم يكن قتال.

وقال محمد بن الموَّاز: لو بعث الإمام قوماً من الجيش قبل أن يصل إلى بلد العدو في أمرٍ من مصلحة الجيش، من حشدٍ وإقامة سوق، أو غير ذلك، فاشتغلوا في ذلك حتى غنم الجيش؛ فلهم معهم سهمهم (?) .

وروى ابن وهب، وابن نافعٍ مثل ذلك عن مالك. وفي روايةٍ أخرى عن مالك: لا شيء لهم (?) .

ومنشأ الخلاف عندي في جميع ذلك، والذي إليه ترجع المسائل على تبدُّدها هو: هل يوجد دليلٌ على أن للقصد والنيِّة أثراً إذا أخذ في الشروع، ثم قطعه عن تمام العمل في ذلك أمرٌ غالبٌ لا اختيار له فيه؟ فهل هناك دليلٌ

أنه يستحقُّ بذلك صاحبه ما يستحقه بالعمل، أو لا؟ فمن توجَّه عنده: أن ذلك يقوم مقام العمل شرعاً وإن لم يكمله، بما ثبت أنَّ له في ذلك مِثل أجر العامل، قال الله -تعالى-: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015