* مسألة:
إذا شَكَّ المسلمون في عدد عدوهم؛ هل زاد على الضِّعف أو لا؟ حَرُمَ التولّي -أيضاً-، حتى يقع اليقين الذي لا شكَّ فيه أنهم أكثر من مثليهم، والدليل على ذلك: أن الله -تعالى- أوجب الثبوت عند اللقاء، وحرَّم التولي، ولم يجعل في ذلك رخصةً إلا بعد الزيادة على الضِّعف، فما لم يُحقَّق ذلك فلم ينتقل عن الأصل، ولا وجد شرط الرخصة؛ فكان التولي ممنوعاً (?) .
* مسألة:
إذا زاد العدو على الضِّعف في العدد، إلا أنهم مع ذلك ضعفاء في أبدانهم، ودوابهم، وسلاحهم، ضَعْفاً بيِّناً، أو كانوا ممن لا يعرف الحرب، ولا كبير غناء عندهم، وما أشبه ذلك، مما يُعلم في العادة أن المسلمين الذين لَقوهم لا يشقُّ عليهم مغالبتهم مع كثرة عددهم، ولا يضعفون عن مقاومتهم، لما هم عليه من القوّة والشوكة والقيام بالحرب، وما أشبه ذلك؛ فالتولي عنهم والفرار أمامهم حرامٌ -أيضاً- (?) ، والدليل عليه: أن الله -تعالى- أمر بالثبوت عند اللِّقاء، وإنَّما أرخص فيما زاد على الضِّعف تخفيفاً، إذا كان في المسلمين الذين لقوهم ضعْفٌ عن مقاومتهم. قال الله -سبحانه-: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكمُ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً} [الأنفال: 66] ، فإذا لم يكن فيهم ضَعْفٌ عن لقاء مثلهم، بل ربّما شهدت الحال باستيلاء المسلمين عليهم إذا صدفوهم، فالتولي حرام؛ لأن علَّة التخفيف هنا لم توجد، مع ما في الفرار عن مثل
هؤلاء من التهاونِ بالدِّين، وتجرئةِ الكفار على المسلمين.