ابن أُنيسٍ (?) » .
قال ابن المنذر: هو سفيان بن نُبيح، وقال غيره: خالد بن نُبيح.
قال: وكان الشافعي، وأبو ثورٍ، يقولان: فإن كان قومٌ لم تبلغهم الدعوة، ولا عِلْمَ لهم بالإسلام، لم يقاتلوا حتى يُدعوا إلى الإسلام. قال ابن المنذر: «وكذلك نقول» .
قلت: وهو الذي يشهد له الجمع بين الأحاديث في ذلك، ويعضده (?) النظر.
قال أبو الحسن اللَّخْمي (?) في دعاء من قد بلغته الدعوة: ذلك على أربعة أوجه: واجبة، ومستحبة، ومباحة، وممنوعة، فأمًّا الجيوش العظام؛ تنزل بمن يرى أنه لا طاقة لهم بقتالهم، ويغلب على الظن؛ أنهم مَتَى دُعوا إلى الإسلام، أو إلى الجزية؛ أجابوا، وقد يجهلون ويظنون أنهم لا يقبل ذلك منهم الآن؛ لِمَا تقدَّمهم من تأخرهم عن دخولهم في الإسلام، فالدعوة واجبة، وإن كانوا عالمين بقبول ذلك منهم، ولا يغلب على الظنّ إجابتهم، كانت الدعوة مستحبة، وإنْ لم تُرجَ إجابتهم؛ كانت مباحة، وإن كان المسلمون قلَّة، ويخشى أن يكون في ذلك إنذار بالمسلمين، وأخذهم لحذرهم؛ كانت ممنوعةً، وهذا تقسيمٌ حسنٌ، ووجوهه ظاهرة، وعلى حسب هذا الاعتبار ذكر في جواز التَّبييت.
قال: ذلك على ثلاثة أوجه: فمن كان تجب دعوته لا يجوز تَبْييتُهُ، ومن لا تجب وتستحب مع ذلك دعوته؛ كره تبييته، ومن كانت الدعوة مباحةً فيهم؛ كان التبييت جائزاً، إلا أن يُخشى على المسلمين إذا دخلوا ليلاً من جهلٍ بالبلد، وخَوفِ ما عسى أن يؤتى عليهم منه، وكل هذا قول صحيح حسن، وقد أباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التبييت فيمن بلغتهم الدعوة.