وأما الوجه الثالث حيثُ يُطْلِقُ، فلا يزيد على ذكر السَّبيل؛ فعن مالكٍ: أنه لا ينتفع بشيءٍ من ثمنه في غير سبيل الله، وإذا ركبه في ذلك ردَّه بَعدُ (?) ، وقال الأوزاعيُّ: إن لم يقل المُعْطي: هو حبسٌ، أو: موقوف، كان للمعطَى كسائر ماله (?) . وقال الليث مثله: يصنع به ما شاء، بعد أن يبلغ به مغزاه (?) ، وكذلك ذهب الشافعي (?) ، وأبو حنيفة (?) إلى أنه مِلْكٌ للمحمول عليه.
وفي كتاب البخاري (?) : وقال طاوس، ومجاهد: إذا دُفِعَ إليكَ شيءٌ تخرج به في سبيل الله، فاصنع به ما شئت؛ وَضَعْه عند أهلك.
فدليل من منع أن يتملَّكَهُ، ورأى أن لا يُصرف إلا في سبيل الله، أنه الوجه
الذي فيه سَوَّغه مالكه، فوجب أن لا يُتمَلَّك في غيره، ودليل من رآه ملكاً بذلك للمحمول عليه حديث عمر بن الخطاب قال: حَمَلْتُ على فرسٍ عتيقٍ في سبيل الله، وكان الرجلُ الذي هو عنده قد أضاعَهُ، فأردت أن أشتريه منه، وظننْتُ أنه بائعهُ برخصٍ، فسألت عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لا تشتره، وإن أعطاكه