والكرب بفوت المغنم، كما يؤجر من أصيب بجهدٍ في نفسه، أو تَلفِ شيءٍ من ماله، وذلك أنَّ حالَهم بالإضافة إلى من غَنِمَ حالُ من أصيب بفوتِ مثل ذلك (?) .

وقد خرّج مسلم (?) في بعض طرقه ما يُتنَبَّهُ به على هذا المعنى؛ قال رسول

الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِنْ غازية -أو: سريَّةٍ- تغزو فتغنم وتَسْلَمُ؛ إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم، وما من غازيةٍ -أو: سريّةٍ- تُخْفِقُ وتصاب؛ إلاَّ تمَّ أجورهم» .

فعلى نحو هذا تترتَّبُ زيادةُ الأجرِ لمن لم يغنم، ويَتَّصِفُ من غَنِمَ بنقصان الأجر إذا أضيف أجره في ذلك إلى الحَظِّ الذي زِيدَ في ثواب من لم يغنم، والله أعلم.

وقد روي في نحو ذلك حديثٌ آخر؛ ذكره أبو عبيد في «غريب الحديث» (?) له مقطوعاً، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيُّما سريَّة غزت فأخفقت؛ كان لها أجرها مرتين» ، قال: حدثناه مروان بن معاوية، عن إبراهيم بن أبي حُصين، عمَّن حدثه، يرفع الحديث. فهذا يَدُلُّك أنه زيادة أجرٍ فوق الجهاد، لا نُقصان منه، وأدَلُّ دليلٍ في ذلك وأوضحه: قوله - صلى الله عليه وسلم - -وقد ذكر مافضَّله الله -تعالى- به، وخصَّه من كرمه-: «أُعطيت خمساً لم يُعطهنّ أحدٌ قبلي؛ كان كلُّ نبيٍّ يُبعث إلى قومه خاصَّة، وبُعثتُ إلى كل أحمر وأسود، وأُحِلَّت لي الغنائم، ولم تَحِلَّ لأحدٍ قبلي» ... الحديث؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015