الحمد لله الذي بعث في كل أمة رسولا ليعبدوه مخلصين له الدين وجعل خاتمهم وأفضلهم محمدا صلى الله عليه وآله وسلّم أخذ العهد والميثاق على النبيين إن أدركوه في حياته ليؤمن به، وليكونن من أنصاره وأتباعه، ناداهم بأسمائهم وناده بوصف النبوة والرسالة، وأنزل عليه القرآن الكريم ومثله معه، فكان معجزة خالدة، أعجز البلغاء والفصحاء والحكماء، وتكفل الله بحفظه إلى يوم القيامة وجعله مهيمنا على الكتب قبله، وحجة على من بلغه. وجادل به أهل الكتاب فأقام عليهم الحجة ونصره الله به في إظهار دينه وأيده.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هديه ونصر شريعته إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا-.
أما بعد:
فإن الصراع بين الحق والباطل منذ خلق الله آدم- عليه السلام- فقد كان في صراع مع إبليس الذي أمره الله بالسجود لآدم فأبى واستكبر وتوعد بإغواء آدم وذريته وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) إلى قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) «1» واستمر هذا بين حزب الله المفلحين وحزب الشيطان الخاسرين في كل عصر. وبين