وإذا ثبت هذا التقرير بان: أن لا منافاة بين قوله في القرآن: ولَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً وبين قوله في التوراة:" فأقبل الرعاة عليهن وأخرجوهن" لجواز أن يكون إقبال الرعاة، ووجدان موسى لهم جميعا في زمن وروده المجازي، الذي هو بعيد زمن وروده الحقيقي.

وكذلك قوله: ووَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقى لَهُما «1» مع قوله في التوراة:" فقام موسى، وحمى الجواري، وسقى نعاجهن" لا تنافي بين الأمرين لجواز أنهما لما أخرجهما الرعاة عن الماء وقفتا تذودان غنمها- أي تحفظانها «2» / من الشرود «3» - فجاء موسى" فقال ما خطبكما" فأخبرتاه، فحماهما وسقى لهما.

وأما قوله" كن سبعا لا اثنتين" فمن الجائز أن السبع حضرن لكن الذي تولى ذود الغنم منهن اثنتان، والأخر يملأن الحياض، أو ينظرن في مصلحة أخرى للغنم، فوقع الخطاب في القرآن على الذائدتين دون البواقي لأنهن حينئذ أخص بالغنم والبواقي كالأجنبيات منها، لا يعلم في الحال تعلقهن بأمرها «4».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015