كلما غاب عن العيان كالله «1» - سبحانه- وملائكته وأحكام الآخرة. وهذا أشق التكليفين «2». ولهذا بدأ الله- سبحانه وتعالى- به في وصف المؤمنين حيث قال/:
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ... (?) «3» فالأول: تكليف علمي.
والثاني: عملي. وكذلك قوله: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ... (19) «4»
ولذلك المسيح وغيره من الأنبياء/ إنما بدءوا بدعاء الناس إلى الإيمان بهم، وأنهم من عند الله.
ووجه المشقة في الإيمان بالغيب: هو أن النفس الناطقة مطبوعة مفطورة على حب إدراك الأمور بحقائقها، فإذا رأت ما لا تدرك حقيقته تألمت واضطربت، كما يشاهده كل عاقل من غيره، ويجده من نفسه، حتى في أيسر الأشياء. ولهذا يحدث «5» للنفس العجب، وهو عرض يلحقها لخفاء سبب الأمر الحادث، فإذا ظهر لها سبب الأمر «6» بطل العجب، واستراحت.