البخاري في صحيحه (?) وليس فيهما أي مطعن على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما زعم الرافضي، وذلك أن أنساً إنما قال ذلك إنكاراً على الحجاج بن يوسف الذي كان والياً على العراق لبني أمية، وكان يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها -كما كان على ذلك بعض أمراء بني أمية- (?) فأنكر ذلك أنس - رضي الله عنه - عندما كان مقيماً بالعراق على ما روى ثابت البناني قال: (كنا مع أنس بن مالك فأخر الحجاج الصلاة، فقام أنس يريد أن يكلمه فنهاه إخوانه شفقة عليه منه، فخرج فركب دابته فقال في مسيره ذلك: والله ما أعرف شيئاً مما كنا عليه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ) (?) الخ كلامه.
ثم إن أنساً بعد ذلك ذهب إلى دمشق وتكلم بالأثر الثاني الذي رواه عنه الزهري بعد قدومه إلى دمشق.
قال ابن حجر: «كان قدوم أنس دمشق في إمارة الحجاج على العراق، قدمها شاكياً من الحجاج للخليفة، وهو إذ ذاك
الوليد بن عبد الملك» . (?)
فتبين أن قول أنس - رضي الله عنه - هو وصف لحال ذلك الزمان الذي
أدركه في آخر حياته، وما رأى فيه من التغيير، وتأخيير الصلوات عن
وقتها، من قبل بعض الأمراء في عهد الدولة الأموية. وأنس - رضي الله عنه - كان من المعمرين ببركة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث دعا له بطول العمر، فعن أنس قال: قالت أم سليم: خويدمك ألا تدعوا له؟ فقال: (اللهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته، واغفر له، فدعا لي بثلاث: فدفنت مائة وثلاثة، وإن ثمرتي لتطعم في السنة مرتين، وطالت حياتي حتى استحييت من الناس وأرجو المغفرة) . (?)