ولا على ما يصفه هذا الرافضي من المبالغة لاستحالة ذلك على الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
ولِمَا دل عليه القرآن من أن الله قد أكمل له ولأمته الدين، فأنزل عليه قبل ذلك في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} . (?)
وكما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك في قوله: (إني تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) . (?)
فإذا تقرر بطلان ما يدعي هذا الرافضي من أن الأمة وقعت في الضلالة، وحرمت العصمة بسبب عدم كتابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم ذلك الكتاب لاختلاف الصحابة عنده:
فليعلم بعد هذا أن الذي أراده الرسول - صلى الله عليه وسلم - من كتابة ذلك الكتاب هو أن يكتب لهم كتاباً يبين فيه فيمن تكون الخلافة من بعده كما ذكر ذلك العلماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «ولم تكن كتابة الكتاب مما أوجبه الله عليه أن يكتبه أو يبلغه في ذلك الوقت، إذ لو كان كذلك لما ترك - صلى الله عليه وسلم - ما أمره الله به، لكن ذلك مما رآه مصلحة لدفع النزاع في خلافة أبي بكر، ورأى أن الخلاف لابد أن يقع» . (?)
وقال في موضع آخر: «وأما قصة الكتاب الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يكتبه، فقد جاء مبيناً كما في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه: (ادعى لي أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً،