بالكتاب والسنَّة)) ، وهذا مِمَّا يَعجبُ منه العُقلاء؛ لأنَّ نفيَ الصُّحبةِ عن كلِّ مَن كان بعد الحُديبية ومنهم معاوية رضي الله عنه، بل والعباس وابنه عبد الله وأبو هريرة وخالد بن الوليد وأبو موسى الأشعري وغيرهم
رضي الله عنهم شذوذٌ عن سبيل المؤمنين لَم يسبقه إليه أحد، وما ذكره من أنَّ معاويةَ (إن قصد الصُّحبة الشرعيَّةَ فقوله مردود بالكتاب والسنَّة) ، أقول: ليس في الكتاب والسنَّة دليل على نفي الصُّحبة عن معاوية، وما أورده من أدلَّة ففهمُه فيها فهمٌ خاطئ، وهو من مُحدثات القرن الخامس عشر، وقد بيَّنتُ ذلك فيما سبق.
وأمَّا الأثر، ففي إسناده عنعنة الأعمش عن أبي صالح، وهومدلِّس، وكلام كعب فيه منكر، وما جاء فيه من ذكر أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ لو ثبت ـ لا يدلُّ على خروج معاوية منهم كما زعم بقوله: ((وهذا الأثر دليل على أنَّه لَم يكن يرى نفسَه منهم)) .
تنبيه: روى الخطيب في تاريخ بغداد (1/209) بإسناده إلى رباح بن الجراح الموصلي قال: ((سمعتُ رجلاً يسأل المعافى بن عمران، فقال: يا أبا مسعودأين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان؟ فغضب من ذلك غضباً شديداً، وقال: لا يُقاس بأصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحدٌ، معاوية صاحبه وصِهرُه وكاتبه وأمينه على وحي الله عزَّ وجلَّ)) .
وروى (1/209) بإسناده إلى أبي توبة الربيع بن نافع قال: ((معاوية ابن أبي سفيان ستر أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا كَشف الرَّجلُ السِّتْرَ اجترأ على ما وراءه)) .
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق (59/209) بإسناده إلى عبد الله ابن المبارك أنَّه قال: ((معاوية عندنا مِحنة، فمَن رأيناه ينظر إليه شزَراً