زعم المالكي أنَّه مختلفٌ فيه بين الوصل والإرسال، وزعم أنَّ المراد من الصلح الإبقاء على مُحبِّي أهل البيت لئلاَّ تفنيهم الحرب، قال في (ص: 72 ـ 73) : "فلا ريبَ أنَّ عليًّا هو الأصوب (يعني في قتاله لأهل الشام) ؛ لكثرة الأدلة الشرعية والعقلية التي معه، بعكس الحسن؛ إذ ليس معه إلاَّ حديث واحد مختلفٌ فيه بين الوصل والإرسال، وهو حديث (ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين طائفتين عظيمتين ... ") ، وقال في (ص: 74) : "أمَّا العثمانية ومنهم علماء الشام فهم يُثنون كثيراً على صلح الحسن، ليس حبًّا في الحسن، وإنَّما للطعن في حرب علي للبغاة، ويُردِّدون كثيراً حديث (ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به ... ) ، ويُهملون حديث عمار (تقتله الفئة الباغية) ، مع أنَّ حديث صلح الحسن آحاد، ومختلف في وصله وإرساله، كما ذكر الدارقطني في العلل، بينما حديث عمار متواتر ومتفقٌ على صحَّته، ثم لا يُثنون على الصلح حبًّا لهذا الحديث، ولو كان الأمر حبًّا للأحاديث فحديث عمار أولَى بالمحبَّة؛ للاتفاق على صحَّته ولصراحة دلالته، بعكس حديث صلح الحسن، كما لا يُثنون على الصلح حبًّا في حقن الدماء ولا مراعاة لمصلحة الأمة كما يزعمون!! ".
وأمَّا زعمه أنَّ الصلحَ إنَّما هو للإبقاء على مُحبِّي أهل البيت من التعرض للقتل، فقد قال في (ص: 71) : "فكان الحسن بن علي بين أمرين: إمَّا أن يستعين بهذه القلَّة من المخلصين ضد هذه الجموع الكبيرة، وإمَّا أن يلجأ لمصالحة معاوية، فكان هذا الاختيار الأخير هو الذي ترجَّح عند الحسن لحفظ البقيَّة الباقية من محبِّي الإمام علي وأهل البيت؛ لعلهم ينشرون علومهم وسيرتهم، وكان اللجوء للخيار الأول (محاربة معاوية) يعني ـ إلى حدٍّ كبير ـ القضاء على كلِّ من يذكر الإمام علي بخير من أهل العراق، وبهذا