أقول: هذا مِمَّا قرَّر به هذا الضال أنَّ كلامَ الله مخلوق، وعند أهل السُّنَّة أنَّ القرآنَ من كلام الله، وكلامُ الله لا حصر له ولا نهاية له، كما دلَّت على ذلك آيتا الكهف ولقمان، وكلُّ كلام لله فهو من صفته، وكلُّ كلام لمخلوق فهو من صفته، فيُحمَد المخلوق على حسَنه ويُذمُّ على سيِّئه، ومن صفات القرآن الذي هو من كلامه أنَّه في غاية الإعجاز، ومن صفات هذا الكلام القبيح للحكمي أنَّه من أسوأ الكلام وأبطل الباطل.

5 ـ لا تنافي ولا تناقض بين قول أهل السُّنَّة: إنَّ القرآنَ منَزَّلٌ غيرُ مخلوق، وبين قولهم: إنَّ إنزالَ المطر والحديد وأولاد الأنعام منَزَّلةٌ مِمَّا هو مخلوق؛ فإنَّ إنزالَ المطر جاء مقيَّداً بأنَّه من المُزن وهو السحاب، وإنزال أولاد الأنعام جاء مقيَّداً بأنَّه إنزالٌ من الأنعام، وإنزال الحديد يكون من الجبال، وكلُّ ذلك إنزال مخلوق من مخلوق، أمَّا القرآن فقد جاء مقيَّداً بأنَّه منَزَّلٌ من الله، كما قال عزَّ وجلَّ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} ، {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ، وغير ذلك من الآيات، وهذا يدلُّ على الفرق بين إنزال القرآن، وأنَّه من الله وأنَّه غير مخلوق، وبين تلك المخلوقات التي جاءت مقيَّدَة بإنزال مخلوق من مخلوق، وقد أوضح هذه الفروق شارح الطحاوية في (ص: 196 ـ 197) ، وعلى هذا فيكون الكلام المهلهل كلام هذا الضال، حيث قال مشنِّعاً على أهل السُّنَّة: "أوَلَم يقولوا قبل قليل: أنَّ الإنزال يكون للمخلوق كالماء والحديد والأنعام، ثم أصبحت الآن ـ في مسألة القرآن ـ صار معناها عدم الخلق؟! وهذا يدلُّ على أنَّ التركيب المعرفي في العقيدة السلفية مهلهل!!! ".

ومن ذلك قوله (ص: 244 ـ 245) : "أثبتوا لله ظلاًّ؛ لأنَّه ورد نصٌّ (يظلُّهم الله في ظلِّه) ، مع أنَّه قد ورد في بعض الروايات أنَّه ظلُّ العرش،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015