بقولي: فمَن العلماء غيرهم، وماذا بعد الحقِّ إلاَّ الضلال؟! وذلك عند الردِّ على المالكي في تشنيعه على الإمام أحمد في مسألة التكفير.
2 ـ صفةُ الكلام لله عزَّ وجلَّ عند أهل السُّنَّة ذاتيَّةٌ فعليَّة، ذاتيَّةٌ باعتبار أنَّ الله متكلِّمٌ بلا ابتداء، ويتكلَّم بلا انتهاء، فلَم يكن غيرَ متكلِّم ثم تكلَّم، بل لا بداية لكلامه ولا نهاية لكلامه، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} ، وقال: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ، والقرآن من كلامه، والتوراة والإنجيل والزبور المنزَّلة من كلامه، وكلُّ كتاب أُنزل على رسول من رسله هو من كلامه.
وهي صفةٌ فعليَّةٌ لتعلُّقها بالمشيئة والإرادة، وهو سبحانه يتكلَّم إذا شاء كيف شاء، قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ، وقال: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} الآية، وغيرها من الآيات الدالة على أنَّ كلامَه متعلِّقٌ بمشيئته.
3 ـ وأمَّا الحديث المشار إليه، فإنَّما ذكره هذا الضال، ونسبه إلى أهل السُّنَّة، هو من ضلاله وفهمه الخاطئ، والحديث في إسناده مقال، وعلى ثبوته فلا إشكالَ فيه عند أهل السُّنَّة؛ فإنَّ (القرآن) فيه عندهم بمعنى القراءة، وليس بمعنى المقروء، ومن المعلوم أنَّ القراءة عملُ القارئ، وهو يُثاب عليه، والأعمالُ وإن كانت أعراضاً فإنَّها تُقلَب بمشيئة الله أجساماً، كما جاء في العمل الصالح أنَّه يأتي صاحبَه في قبره في أحسن صورة، والعملُ السيِّء يأتيه في أقبح صورة، وكما تُجعل الأعمال أجساماً توضَع في الميزان، وقد أوضح ذلك ابن أبي العز الحنفي شارحُ الطحاوية، فقال في (ص: 191 ـ