ابتعث الله له النبيِّين، وجب على كلِّ مستطيع له أن يقتحمَ لوجه الله سُبلَه، خشيةَ أن تعمَّ البدعةُ وتفشو الضلالة، ويتَّسع الخرقُ وتشيع الجهالةُ، فتموت السنَّةُ ويندرس الهدي النبوي، ويُمحى من الوجود معالم الصِّراط السويِّ، ولَمَّا أضحت البدع الفواشي، كالسحب الغواشي، يتعذَّر على البصير حصرُها، وضبطُ أفرادها وسبرُها، رأيت أن أدلَّ بجزئيٍّ منها على كليَّاتها، وبنبذة منها على بقيَّاتها، وذلك في البدع والعوائد، الفاشية في كثير من المساجد؛ لأنِّي ابتُليتُ كآبائي بإمامة بعض الجوامع في دمشق الشام، وبالقيام بالتدريس العام، فكنتُ أرى من أهمِّ الواجبات إعلام الناس بما ألَمَّ بها من البدع والمنكرات؛ فإنَّ القيِّمَ مسئول عن إصلاح مَن في معيَّته، وفي الحديث (كلُّكم راع وكلُّكم مسئولٌ عن رعيَّته) ، فاستعنتُ بالله تعالى في الشروع، وتوكَّلتُ عليه في إتمام هذا الموضوع، ونقَّبت لأجله عن شوارد الأسفار، وضممتُ إليه ما يُروي البصائر والأبصار، وعزوتُ غالبَ فروعه لأصلها، ردًّا للأمانات إلى أهلها، تطميناً للمرتابين، وتثبيتاً للمؤمنين، فجاء فريداً في بابه، أمنية لطلابه، ولم أجد مَن سبقني إليه، فأعرج بالاحتذاء عليه، بل كان ترتيبه مخترعاً، وتقسيمه مبتدَعاً، وذلك من فضل الله عليَّ، ومننه التي لا أحصي ثناءها لديَّ، وبه المستعان، وعليه التكلان في كلِّ آن".
ثم ذكر مقدِّمات في البدع عموماً، من عناوينها:
ـ بيان الميزان الذي يُعرف به الاستقامة على الطريق والجور عنه.
ـ الترهيب من الابتداع.
ـ معنى البدعة.
ـ ردُّ البدعة في الدِّين.
ـ بغض المبتدع.