وأمَّا محمد بن إبراهيم الوزير، فلَم ينقل عنه كلاماً، بل اكتفى بقوله (ص: 208) : "كل كتاب إيثار الحق على الخلق"، ولم يتحقَّق له ما أراده من الاستشهاد لكون الحقِّ لا يكون مع فرقة معيَّنة إلاَّ نادراً، وأنَّ كلًَّ فرقة ممسكة بطرف من الحقِّ كما زعم ذلك؛ فإنَّ باقي عنوان الكتاب يدلُّ على ردِّ الخلاف إلى القول الحقِّ؛ إذ إنَّ عنوانَ كتابه: "إيثار الحقِّ على الخلق في ردِّ الخلافات إلى المذهب الحقِّ من أصول التوحيد"، وقد قال في (ص: 45) : ((والطرق إلى الله تعالى كثيرة جدًّا، ولكنَّا نقتصر منها على أصحِّها وأجلاها وأوضحها وأشفاها؛ حتى نأمن بالسلوك فيها من الضلال في الطرق التي تُبعُدُ السائرَ فيها عن مقصوده والعياذ بالله، وإلى تلك الطرق الإشارة بقوله تعالى: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} ، وقد يكون فيها ما يستلزم رد كثير من الشرائع".
وأمَّا المقبلي، فإنَّه نقل عنه من أول كتابه: "العلم الشامخ في تفضيل الحقِّ على الآباء والمشايخ" كلاماً في اعتماده على الدليل وعدم تقليده لأحد، وهو لا يدلُّ على ما زعمه المالكي من الاكتفاء بإسلام لا يُتعرَّض فيه لمسائل العقيدة، ولا يُحذَّر فيه من بدعة؛ فإنَّ كتابَه المذكور مشتمل على تقرير حسن لبعض المسائل في العقيدة، ومن ذلك قوله في (ص: 57) : "وما أحسن جواب بعض المحدِّثين وقد سُئل عن أحاديث الصفات، فقال: رواها لنا الذين رووا لنا الصلاة والزكاة وسائر الشريعة، انتهى. فالواجب تسليم ما صحَّ، وما اشتبه معناه رددناه إلى الله سبحانه، ولا يغرَّنك قولهم: آحاديٌّ فلا نقبله في مقابلة العقل؛ لأنَّ ما رواه الثقات مقبول، وإلاَّ اطَّرحنا أكثرَ الشريعة، والدليل على قبول الآحاد شامل لكلِّ الدين، والتفرقة جاءت من