سوَّد المالكي عدَّة صفحات في التشنيع على الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ فيما نُقل عنه من تكفير مَن قال بخلق القرآن، وقال في (ص: 109 ـ حاشية) معلِّلاً هذا التكفير: "خروج أحمد منتصراً من السجن بعد أن ظُلم من المعتزلة وسلطتهم، وكان لنشوة الانتصار والغضب على الخصوم أثر على حدَّة الإمام في التكفير والتبديع ... وللأسف أنَّ أغلب المنتصرين لا يتحكمون في عواطفهم، خصوصاً إذا كانت الدولة والعامة معهم، فالقلائل من عقلاء الناس يتحكمون في خصوماتهم حتى لا تخرج عن الشرع!! ".
وهذا منه اتِّهام للإمام أحمد بأنَّ المنقولَ عنه في تكفير مَن قال بخلق القرآن ناتجٌ عن الحدَّة والغضب والعاطفة دون مراعاة لحدود الشرع، ومع هذا الاتِّهام يزعم زوراً أنَّه حنبليٌّ نسبة للإمام أحمد، وهو لَم يَأْلُ جهداً في التشنيع عليه وعلى الحنابلة من بعده، وكأنَّه لَم ير أحداً من العلماء نُقل عنه تكفير من قال بخلق القرآن إلاَّ الإمام أحمد، وقد اطَّلع المالكي ـ وهو ينقِّب عن مثالب لأهل السنة ليشنِّع بها عليهم ـ على كتاب شرح السنة للاَّلكائي، وهو مشتملٌ على ذكر المئات من أهل العلم، نَقل عنهم القولَ بأنَّ القرآن كلامُ الله غير مخلوق، وأكثرهم نقل عنه القول بتكفير من قال بخلق القرآن، وذلك فيما يقرب من مائة صفحة من (2/227 إلى 312) ، ومنهم الأئمَّة مالك والشافعي والبخاري وسفيان الثوري ووكيع بن الجراح والأوزاعي والليث بن سعد ويحيى بن يحيى النيسابوري وعبد الله بن المبارك وأبو عبيد القاسم بن سلام، وقال في (ص: 312) : "فهؤلاء خمس مائة وخمسون نفساً أو أكثر من التابعين وأتباع التابعين والأئمَّة المرضيِّين، سوى الصحابة الخيِّرين، على اختلاف الأعصار ومضيِّ السنين والأعوام، وفيهم نحو من مائة إمام، مِمَّن