كالجعد بن درهم والجهم بن صفوان وغيلان الدمشقي وغيرهم، وقد زعم أنَّ قتلَهم كان سياسيًّا، ولم يكن من أجل بدعهم.
ـ وأمَّا زعمه أنَّ أهل السنَّة يُشبِّهون اللهَ بخلقه، فهذا من أقبح ما افتراه على أهل السنَّة، فأهل السنَّة أثبتوا لله الصفات ولم يُشبِّهوه بالمخلوقات، فجمعوا بين الإثبات والتنزيه، كما جمع الله بينهما في قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، بخلاف المشبِّهة الذين أثبتوا وشبَّهوا، وبخلاف النفاة، فإنَّهم أرادوا التنزيه لكنَّهم عطَّلوا ولم يُنزِّهوا.
ـ وأمَّا زعمه أنَّ أهل السنَّة ركَّزوا على الجزئيات وتركوا الأصول، فهذا كذبٌ عليهم؛ فهم يُركِّزون على الكليَّات والجزئيات، ومستندهم في ذلك ما جاءت به نصوص الكتاب والسنَّة، وذلك بخلاف أهل البدع الذين يُعوِّلون على العقول وعلم الكلام في الكليَّات والجزئيات.
12 ـ قوله (ص: 180) : "فالبربهاري وابن بطة عندنا من السلف بينما الصحابة ليسوا من السلف، ولو كانوا عندنا من السلف الصالح لما خالفناهم في فهم الإسلام وفي الأمور التي سبق شرحها".
أقول: السلفُ الصالح عند أهل السنَّة والجماعة هم الصحابة رضي الله عنهم ومَن سلك سبيلَهم، ومنهجُهم في العقيدة اتِّباعُ الكتاب والسنَّة بفهم السلف الصالح، والتقييد بفهمهم يُسمِّيه المالكي بدعة، وأهل السنَّة هم الذين يأخذون بنصوص الوحي وفقاً لفهم السلف من الصحابة ومَن تبعهم بإحسان، ولا يُخالفون الصحابة، بل الذين يخالفونهم هم أهل البدع الذين يُعوِّلون على علم الكلام، ولا يُعوِّلون على النصوص.
وقد ذكرتُ بين يدي شرحي مقدِّمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني عشر فوائد في العقيدة، الفائدة الأولى: منهج أهل السنَّة والجماعة في العقيدة: اتِّباع