2 ـ في الوقت الذي يكون نصيب أهل السُّنَّة والحنابلة منه النَّقد والثلب وتصيُّد الأخطاء للعيب فيها، يكون نصيبُ فرق الضلال منه السلامة، بل المدح والثناء، كما سيأتي بيانُ ذلك من كلامه، ولو كان صادقاً فيما يقول لبدأ بنقد فرق الضلال، فيُبيِّن ما عندهم من الباطل ويحذِّر منه، أمَّا أن يعمدَ إلى نقد أهل السُّنَّة الذين يزعم أنَّه منهم وهم بُرآء منه فذلك من أوضح الأدلَّة على حقده على أهل السُّنَّة وموافقته لغيرهم من فرق الضلال.
3 ـ ليس بغريب على المالكي أن ينالَ من أهل السُّنَّة ويشغلَ نفسه بعيبهم، وهو الذي حصل منه القدح في الصحابة والنَّيل منهم، وزعم أنَّ أكثرهم يُذادون عن حوض الرسول صلى الله عليه وسلم ويُؤخذون إلى النار، وأنَّه لا ينجو منهم إلاَّ القليل مثل همل النَّعم، كما مرَّت الإشارةُ إلى ذلك قريباً.
4 ـ ليس حنبليًّا مَن يغمز الإمامَ أحمد بأنَّه تسبَّب في تفريق المسلمين أحزاباً، حيث قال في (ص: 154) معلِّقاً على ما ذُكر من حزن اليهود والنصارى والمجوس عند موته، فقال: "ولن يحزن هؤلاء لموته إلاَّ إذا كان منهجه مفيداً لهم، كأن يفرحوا بتشنيعه على المخالفين له من المعتزلة والشيعة، حتَّى تسبَّب في تفريق المسلمين أحزاباً!! ".
ومَن لَم يسلم منه الإمام أحمد فمِن باب أولَى ألاَّ يسلمَ منه الحنابلة، بل مَن لَم يسلم منه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمِن باب أولَى ألاَّ يسلمَ منه أهل السُّنَّة، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
5 ـ أمَّا ما ذكره من أنَّه حنبليُّ النَّشأة والتعليم والالتزام العام الواعي، فإن كان الواقع أنَّه نُشِّئ على ذلك فإنَّه بكتاباته المختلفة يكون قد انحرف عمَّا نُشِّئَ عليه، ويصدق على انحرافه عمَّا تعلَّمه وعقوقه لِمَن علَّمه