عنه صلى الله عليه وسلم ما بلَّغهم عن الله عزَّ وجلَّ، وما سنَّ وشرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وحظر وأدّب، ووعَوْه وأتقنوه، ففقهوا في الدين، وعلموا أمرَ الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهدتهم منه تفسيرَ الكتاب وتأويله، وتلقّفهم منه واستنباطهم عنه، فشرَّفهم اللهُ عزَّ وجلَّ بما مَنَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إيَّاهم موضع القدوة"، إلى أن قال: "فكانوا عدولَ الأمَّة وأئمَّةَ الهدى وحججَ الدِّين ونقلةَ الكتاب والسنة، وندب الله عزَّ وجلَّ إلى التمسُّك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم، فقال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} الآية".

6 ـ قوله (ص: 179) : "فالقاعدة المشهورة (الكتاب والسنَّة وبفهم سلف الأمة) باطلة بإجماع سلف الأمة من المهاجرين والأنصار الذين لم يشترطوها، واكتفوا بما ذكره الله عزَّ وجلَّ من (التحاكم للقرآن والسنَّة) ، أمَّا زيادة اشتراط الفهم فهو استدراك قبيح على الآية الكريمة!!! ".

أقول: ما ذكره من دعوى بطلان القاعدة المذكورة بإجماع سلف الأمة قولٌ باطلٌ ودعوى لا أساس لها من الصحَّة، كما تبيَّن من آثار عن السلف في الفقرة السابقة، واعتبار فهم الصحابة لنصوص الكتاب والسنَّة لا يُنافي الأخذ بالآية الكريمة في الردِّ إلى الكتاب والسنَّة، وليس استدراكاً عليهما كما زعم؛ فإنَّ في ذلك التنفيذ والتطبيق لما جاء في الكتاب والسنَّة على فهم صحيح، ومِمَّا يوضِّح ذلك أنَّ ما جاء عن السلف في فهم معنى قول الله عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} أنَّه بمعنى علا وارتفع هو الحقُّ، وأنَّ ما جاء عن المتكلِّمين من تفسيره بمعنى استولى باطل واتِّباع لغير سبيل المؤمنين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015