فإنَّه يقدح في إيمانه بالله واليوم الآخر، وكان المخالفون للحنابلة أكثر تعظيماً للقرآن واستدلالاً به منهم، فلمَّا رأى الحنابلة ذلك وأنَّ القرآن الكريم تستدلُّ به الطوائف (المبتدعة!!) لجأوا إلى التزهيد من التحاكم إلى القرآن الكريم مع تضخيم الآثار والأقوال المنسوبة لبعض التابعين أو العلماء، بل وبدَّعوا من يعود إلى القرآن الكريم وقدَّموا عليه أقوال الرجال:
يقول البربهاري: "إذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده ويريد القرآن فلا شكَّ أنَّه رجلٌ قد احتوى على الزندقة، فقُم من عنده ودَعْه".
وقال: "وأنَّ القرآن أحوجُ إلى السنَّة من السنَّة إلى القرآن".
أقول: السنَّة عظيمة المنزلة، لكن ليست أهمَّ من القرآن، وهي أحوجُ إلى القرآن، فالسنَّة تحاكم إلى القرآن، فيُعرفُ ما ثبت عن رسول الله وما لم يثبت؛ إذ أنَّ من منهج المحدِّثين في معرفة ضعف بعض متون السنة مخالفتها للقرآن الكريم.
وقال (ص: 86) : "التكبير على الجنائز أربع، وهو قول مالك بن أنس وسفيان الثوري والحسن بن صالح وأحمد بن حنبل والفقهاء، وهكذا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم".
أقول: انظروا كيف جعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم آخرَ هؤلاء!!
وقال البربهاري أيضاً (ص: 115) : "وإذا سمعتَ الرجل يطعن على الآثار أو يردُّ الآثار أو يريد غير الآثار فاتَّهمه على الإسلام، ولا تشك أنَّه صاحب هوى مبتدع".
أقول: وهل الذي يطعن على القرآن الكريم، أو لا يريد القرآن الكريم ويريد أقوال الرجال، هل هذا مبتدع أم لا؟