النجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور، فإنَّه ما انخفض منها، وتهامة كلُّها من الغور ومكة من تهامة".
وقال قبل ذلك في الفتح (6/352) عند شرح حديث "رأس الكفر نحو المشرق": "وفي ذلك إشارة إلى شدَّة كفر المجوس؛ لأنَّ مملكة الفرس ومَن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة، وكانوا في غاية القسوة والتكبُّر والتجبُّر حتى مزَّق مَلِكُهم كتاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في موضعه، واستمرَّت الفتنُ من قِبَل المشرق كما سيأتي بيانه واضحاً في الفتن".
وقال النووي في شرح صحيح مسلم (2/34) : "والمراد بذلك اختصاص المشرق بمزيد من تسلط الشيطان ومن الكفر، كما قال في الحديث الآخر: (رأس الكفر نحو المشرق) ، وكان ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم حين قال ذلك، ويكون حين يخرج الدجَّال من المشرق، وهو فيما بين ذلك منشأ الفتن العظيمة ومثار الكفرة الترك الغاشمة العاتية الشديدة البأس".
وقد مرَّ في كلام ابن حجر قريباً أنَّ ظهور البدع كان من تلك الجهة أي جهة المشرق، ومن أمثلة ذلك أنَّ الخوارجَ والشيعةَ والقدريةَ والجهميَّةَ كان خروجُهم من تلك الجهة، ومجيء التتارُ للقضاء على الخلافة العباسية وسقوط بغداد كان من المشرق، وفي آخر الزمان خروج الدجال من تلك الجهة، فإنَّه كما جاء في صحيح مسلم (2137) يخرج من خلة بين الشام والعراق، وفي صحيحه أيضاً (2944) : "يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة".
وكما أنَّ تلك الجهة منشأ كثير من البدع، ومنها ظهور كثير من الشرور، فإنَّ فيها الكثيرين من أهل العلم الذين ردُّوا على المبتدعة، ومنها محدِّثون وفقهاء كبار، ومن هؤلاء أصحاب الكتب الستة: محمد بن إسماعيل