وَمعنى قَوْلنَا إِنَّمَا أعطينا الْعقل لإِقَامَة الْعُبُودِيَّة هُوَ أَنه آلَة التَّمْيِيز بَين الْقَبِيح وَالْحسن وَالسّنة والبدعة والرياء وَالْإِخْلَاص ولولاه لم يكن تَكْلِيف وَلَا توجه أَمر وَلَا نهي
فَإِذا اسْتَعْملهُ على قدره وَلم يُجَاوز بِهِ حَده أَدَّاهُ ذَلِك إِلَى الْعِبَادَة الْخَالِصَة والثبات على السّنة وَاسْتِعْمَال المستحسنات وَترك المستقبحات
فَيكون هَذَا معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرجل يكثر الصَّلَاة وَالصِّيَام (إِنَّمَا يجازى على قدر عقله)
وَقَالَ بَعضهم الْعقل مُدبر يدبر لصَاحبه أَمر دُنْيَاهُ وعقباه فَأول تَدْبيره الْإِشَارَة إِلَى الْمُدبر الصَّانِع ثمَّ إِلَى معرفَة النَّفس ثمَّ يُشِير إِلَى صَاحبه بالخضوع وَالطَّاعَة لله وَالتَّسْلِيم لأَمره والموافقة لَهُ
وَهَذَا معنى قَوْلهم الْعَاقِل من عقل عَن الله أمره وَنَهْيه
وَقَالَ بَعضهم الْعقل حجَّة الله على جَمِيع الْخلق لِأَنَّهُ سَبَب التَّكْلِيف إِلَّا أَن صَاحبه لَا يَسْتَغْنِي عَن التَّوْفِيق فِي كل وَقت وَنَفس الْعقل بالتوفيق كَانَ والعاقل مُحْتَاج فِي كل وَقت إِلَى توفيق جَدِيد تفضلا من الله تَعَالَى