حسب مَا أذن فِيهِ الشَّرْع وَورد بِهِ السّمع وَلَا يدْخلُونَ بآرائهم فِي صِفَات الله تَعَالَى وَلَا فِي غَيرهَا من أُمُور الدّين وعَلى هَذَا وجدوا سلفهم وأئمتهم
وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا}
وَقَالَ أَيْضا {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته}
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خطْبَة الْوَدَاع وَفِي مقامات لَهُ شَتَّى وبحضرته عَامَّة أَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم (أَلا هَل بلغت)
وَكَانَ مِمَّا أنزل إِلَيْهِ وَأمر بتبليغه أَمر التَّوْحِيد وَبَيَانه بطريقته فَلم يتْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا من أُمُور الدّين وقواعده وأصوله وشرائعه وفصوله إِلَّا بَينه وبلغه على كَمَاله وَتَمَامه وَلم يُؤَخر بَيَانه عَن وَقت الْحَاجة إِلَيْهِ إِذْ لَو أخر فِيهَا الْبَيَان لَكَانَ قد كلفهم مَا لَا سَبِيل لَهُم إِلَيْهِ
وَإِذا كَانَ الْأَمر على مَا قُلْنَاهُ وَقد علمنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يدعهم فِي هَذِه الْأُمُور إِلَى الِاسْتِدْلَال بالأعراض والجواهر وَذكر ماهيتهما وَلَا يُمكن لأحد من النَّاس أَن يروي فِي ذَلِك عَنهُ وَلَا عَن أحد من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم من هَذَا النمط حرفا وَاحِدًا فَمَا فَوْقه لَا فِي طَرِيق تَوَاتر وَلَا آحَاد فَعلمنَا أَنهم ذَهَبُوا خلاف