الْكَلَام فِيمَا أسسوا فَإِنَّهُم قَالُوا أول مَا يجب على الْإِنْسَان النّظر الْمُؤَدِّي إِلَى معرفَة الْبَارِي عز وَجل
وَهَذَا قَول مخترع لم يسبقهم إِلَيْهِ أحد من السّلف وأئمة الدّين وَلَو أَنَّك تدبرت جَمِيع أَقْوَالهم وكتبهم لم تَجِد هَذَا فِي شَيْء مِنْهَا لَا مَنْقُولًا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا من الصَّحَابَة وَكَذَلِكَ من التَّابِعين بعدهمْ
وَكَيف يجوز أَن يخفى عَلَيْهِم أول الْفَرَائِض وهم صدر هَذِه الْأمة والسفراء بَيْننَا وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلَئِن جَازَ أَن يخفى الْفَرْض الأول على الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ حَتَّى لم يبينوه لأحد من هَذِه الْأمة مَعَ شدَّة اهتمامهم بِأَمْر الدّين وَكَمَال عنايتهم حَتَّى استخرجه هَؤُلَاءِ بلطيف فطنتهم وزعمهم فَلَعَلَّهُ خَفِي عَلَيْهِم فَرَائض أخر
وَلَئِن كَانَ هَذَا جَائِزا فَلَقَد ذهب الدّين واندرس لأَنا إِنَّمَا نَبْنِي أقوالنا على أَقْوَالهم فَإِذا ذهب الأَصْل فَكيف يُمكن الْبناء عَلَيْهِ
نَعُوذ بِاللَّه من قَول يُؤَدِّي إِلَى هَذِه الْمقَالة الْفَاحِشَة القبيحة الَّتِي تُؤدِّي إِلَى الانسلاخ من الدّين وتضليل الْأَئِمَّة الماضين
هَذَا وَقد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو الْكفَّار إِلَى الْإِسْلَام والشهادتين
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ رَضِي الله عَنهُ حِين بَعثه إِلَى الْيمن (ادعهم إِلَى شَهَادَة أَلا إِلَه إِلَّا الله)