وَإِنَّمَا بعث وَاحِدًا وَاحِدًا ودعاهم إِلَى الله تَعَالَى وَإِلَى التَّصْدِيق برسالته لإلزام الْحجَّة وَقطع الْعذر لقَوْله عز وَجل {رسلًا مبشرين ومنذرين لِئَلَّا يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل} وَهَذِه الْمعَانِي لَا تحصل إِلَّا بعد وُقُوع الْعلم لمن أرسل إِلَيْهِ بِالْإِرْسَال والمرسل وَأَن الْكتاب من قبله والدعوة مِنْهُ
وَقد كَانَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى النَّاس كَافَّة وَكثير من الْأَنْبِيَاء بعثوا إِلَى قوم دون قوم وَإِنَّمَا قصد بإرسال الرُّسُل إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُلُوك وَالْكتاب إِلَيْهِم بَث الدعْوَة فِي جَمِيع الممالك وَدُعَاء النَّاس عَامَّة إِلَى دينه على حسب مَا أمره الله تَعَالَى بذلك فَلَو لم يَقع الْعلم بِخَبَر الْوَاحِد فِي أُمُور الدّين لم يقْتَصر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على إرْسَال الْوَاحِد من أَصْحَابه فِي هَذَا الْأَمر
وَكَذَلِكَ فِي أُمُور كَثِيرَة اكْتفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإرسال الْوَاحِد من أَصْحَابه مِنْهَا
أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عليا رَضِي الله عَنهُ لينادي فِي موسم الْحَج بمنى أَلا لَا يَحُجن بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يَطُوفَن بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَمن كَانَ بَينه وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد فمدته إِلَى أَرْبَعَة أشهر وَلَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مسلمة وَلَا بُد فِي هَذِه الْأَشْيَاء من وُقُوع الْعلم للْقَوْم الَّذين كَانَ يناديهم حَتَّى إِن أقدموا على شَيْء